كتاب العطاء الحضاري للإسلام مكتبة تحميل الكتب مجانا

كتاب العطاء الحضاري للإسلام

إن خصوم الإسلام يتهمونه في كل المحافل، أنه لا يعترف بحقوق الإنسان، وأنه لا يسعى لتحرير المرأة، ويرفض المشاركة السياسية والاجتماعية، ويكبت الحريات، وينصر الظالمين على المظلومين، والأغنياء على الفقراء. فما الموقف الحقيقي للإسلام من هذه القضايا؟ وما مدى صحة هذه الاتهامات؟ 1- نظرة الإسلام لحقوق الإنسان إن هذا الذي عرفته الحضارة الغربية كحقوق للإنسان حديثًا، مارسته الحضارة الإسلامية قديمًا، لا كمجرد حقوق للإنسان، وإنما كفرائض إلهية وتكاليف وواجبات شرعية، لا يجوز لصاحبها أن يتنازل عنها، أو أن يفرط فيها، حتى بمحض اختياره إن هو أراد. ولقد أجملت الشريعة الإسلامية هذه الحقيقة عندما جعلت الحفاظ على النفس والدين والعقل والعِرض والمال، بمثابة فرائض إلهية وتكاليف شرعية، وليست مجرد حقوق يجوز التنازل عنها، حتى بالاختيار. إن الحفاظ على الحياة -بنظر الحضارة الغربية -هو حق من حقوق الإنسان، لكن الشخص يستطيع أن يتنازل عن هذا الحق باختياره؛ لذلك لا تجرم هذه الحضارة من يتنازل عن حقه في الحياة بالانتحار. أما النظرة الإسلامية فإنها ترى في الحفاظ على الحياة فريضة إلهية وواجبًا شرعيًا، لا يجوز أن يفرط أحد فيه، حتى صاحبها، بل أوجبت عليه القتال حتى النصر أو الشهادة دفاعًا عن مقومات هذه الحياة، كما حرمت عليه واليأس الذي قد يقوده إلى الانتحار، الذي رأته جريمة يأثم مرتكبها إثمًا كبيرًا. والعلم في نظر الحضارة الإسلامية، ليس مجرد حق من حقوق الإنسان، بل هو فريضة إلهية وتكليف شرعي واجب، يأثم الإنسان إن هو فرط فيه، قال تعالى: "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ". والمشاركة في الشئون العامة - سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها - لا يعتبرها علماء الشريعة مجرد حق من حقوق الإنسان، وإنما يعتبرونها فريضة واجبة، لأنها جزء من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ "، وهو السبيل لتحقيق خيرية الأمة، قال تعالى: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ". والحرية رأتها وتراها الحضارة الإسلامية فريضة إلهية وواجبًا شرعيًا هي الأخرى؛ لأنها مساوية للحياة. وقد أدرك علماؤنا السر في جعل تحرير الرقبة كفارة عن القتل الخطأ؛ فنبهوا على ما في الرق والعبودية من معنى الموت، وما في العتق والحرية من معنى الحياة؛ فمن أخرج من الحياة نفسًا، بقتلها خطئًا، عليه أن يُدخل في الحياة نفسًا أخرى، بتحريرها من موت الاسترقاق، قال تعالى: "َومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَي أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَي أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ". 2- حقوق الفقراء إن الغرب يتباهى بأنه ينادي بحق كل إنسان في الحصول على أساسيات الحياة، ولكن هل يقصدون الإنسان الغربي فقط؟ فحق كثير من الشعوب في الحياة يسلبه الغرب؛ فيزيد ثراءً من أموال الشعوب الأخرى وأقواتهم التي ينهبها الغرب، كما بنى حضارته على أشلائهم وعظامهم، كالأفارقة وغيرهم. أما الإسلام فقد بين للأغنياء أنهم ليسوا إلا خلفاء في هذه الأموال، وأن الفقراء لهم حقوقٌ فيها؛ فيعطونها للفقراء لأنها حقهم لا تفضلًا منهم. وأنه لا يجوز أن يبيت إنسان جائع، وعند أحد الأغنياء قوت زائد عن حاجته، بل لقد قال (ابن حزم ): "وفُرض على الأغنياء من كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك، ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكل ميتة أو لحم خنزير وهو يجد طعامًا فيه فضل عن صاحبه لمسلم أو ذمي، وله أن يقاتل عن ذلك؛ فإن قُتل فعلى قاتله القود، وإن قُتل المانع فإلى لعنة الله؛ لأنه منع حقًا، وهو طائفة باغية، قال تعالى: " فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَي الأُخْرَي فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّي تَفِيءَ إِلَي أَمْرِ اللَّهِ "، ومانع الحق باغ على أخيه الذي له الحق، وبهذا قاتل (أبو بكر الصديق )، رضي الله عنه، مانعي الزكاة ". والقرآن الكريم يحدد نطاق الإنفاق عندما يقول: "وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ "؛ والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له "، وقال الراوي (أبو سعيد الخدري ): "فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل "، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تعالى ". ولقد سار على نفس هذا الدرب الخلفاء؛ فقال (عمر بن الخطاب ): "إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء؛ فما جاع فقير إلا بما متع غني! إن الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة، وإن المقل غريب في بلدته، أنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحد على أحد! "، وقال (عمر بن عبد العزيز ): "المال نهر أعظم، والناس شربهم فيه سواء". 3- التوظيف السياسي لحقوق الإنسان! 4- الحرية في المنظور الإسلامي 5- كيف تعامل الإسلام مع الرق؟ 6- نظرة الإسلام إلى حرية الضمير 7- مكانة الإنسان في الكون! 8- تحرير المرأة بين الإسلام والليبرالية 9- الاختلاف الاجتماعي بين الليبرالية والشمولية والإسلام 10- الثروة والمال بين الاشتراكية والرأسمالية والإسلام! 11- الإسلام والسياسة
محمد عمارة - هو مفكر إسلامي مصري، ومؤلف ومحقق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ورئيس تحرير مجلة الأزهر حتى 16 يونيو 2015. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ ثورة 25 يناير وكسر حاجز الخوف ❝ ❞ الغزو الفكري وهم أم حقيقة؟ ❝ ❞ تحرير المرأة بين الغرب والاسلام ❝ ❞ شبهات حول القرآن الكريم ❝ ❞ الحضارات العالمية: تدافع أم صراع؟ ❝ ❞ تقرير علمي تعليقا على كتاب: مستعدين للمجاوبة لسمير مرقس الممنوع في مصر ❝ ❞ الإسلام والأقليات: الماضي، والحاضر، والمستقبل ❝ ❞ هذا هو الإسلام: الدين والحضارة، عوامل امتياز الإسلام - شهادة غربية ❝ ❞ في المسألة القبطية حقائق وأوهام ❝ الناشرين : ❞ دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان ❝ ❞ دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ الأزهر الشريف ❝ ❞ دار الشروق ❝ ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ دار الكتب والوثائق القومية ❝ ❞ دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ❝ ❞ مكتبة الشروق الدولية ❝ ❞ دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الامام البخاري ❝ ❞ مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار العلوم ❝ ❞ دار النهار للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ مركز الإعلام العربي ❝ ❞ مركز دراسات العالم الاسلامى ❝ ❞ دار الوحدة ❝ ❱
من تاريخ إسلامي حضارة اسلامية - مكتبة .

وصف الكتاب : إن خصوم الإسلام يتهمونه في كل المحافل، أنه لا يعترف بحقوق الإنسان، وأنه لا يسعى لتحرير المرأة، ويرفض المشاركة السياسية والاجتماعية، ويكبت الحريات، وينصر الظالمين على المظلومين، والأغنياء على الفقراء. فما الموقف الحقيقي للإسلام من هذه القضايا؟ وما مدى صحة هذه الاتهامات؟

1- نظرة الإسلام لحقوق الإنسان
إن هذا الذي عرفته الحضارة الغربية كحقوق للإنسان حديثًا، مارسته الحضارة الإسلامية قديمًا، لا كمجرد حقوق للإنسان، وإنما كفرائض إلهية وتكاليف وواجبات شرعية، لا يجوز لصاحبها أن يتنازل عنها، أو أن يفرط فيها، حتى بمحض اختياره إن هو أراد.

ولقد أجملت الشريعة الإسلامية هذه الحقيقة عندما جعلت الحفاظ على النفس والدين والعقل والعِرض والمال، بمثابة فرائض إلهية وتكاليف شرعية، وليست مجرد حقوق يجوز التنازل عنها، حتى بالاختيار.

إن الحفاظ على الحياة -بنظر الحضارة الغربية -هو حق من حقوق الإنسان، لكن الشخص يستطيع أن يتنازل عن هذا الحق باختياره؛ لذلك لا تجرم هذه الحضارة من يتنازل عن حقه في الحياة بالانتحار. أما النظرة الإسلامية فإنها ترى في الحفاظ على الحياة فريضة إلهية وواجبًا شرعيًا، لا يجوز أن يفرط أحد فيه، حتى صاحبها، بل أوجبت عليه القتال حتى النصر أو الشهادة دفاعًا عن مقومات هذه الحياة، كما حرمت عليه واليأس الذي قد يقوده إلى الانتحار، الذي رأته جريمة يأثم مرتكبها إثمًا كبيرًا.

والعلم في نظر الحضارة الإسلامية، ليس مجرد حق من حقوق الإنسان، بل هو فريضة إلهية وتكليف شرعي واجب، يأثم الإنسان إن هو فرط فيه، قال تعالى: "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ".

والمشاركة في الشئون العامة - سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها - لا يعتبرها علماء الشريعة مجرد حق من حقوق الإنسان، وإنما يعتبرونها فريضة واجبة، لأنها جزء من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ "، وهو السبيل لتحقيق خيرية الأمة، قال تعالى: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ".

والحرية رأتها وتراها الحضارة الإسلامية فريضة إلهية وواجبًا شرعيًا هي الأخرى؛ لأنها مساوية للحياة. وقد أدرك علماؤنا السر في جعل تحرير الرقبة كفارة عن القتل الخطأ؛ فنبهوا على ما في الرق والعبودية من معنى الموت، وما في العتق والحرية من معنى الحياة؛ فمن أخرج من الحياة نفسًا، بقتلها خطئًا، عليه أن يُدخل في الحياة نفسًا أخرى، بتحريرها من موت الاسترقاق، قال تعالى: "َومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَي أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَي أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ".

2- حقوق الفقراء
إن الغرب يتباهى بأنه ينادي بحق كل إنسان في الحصول على أساسيات الحياة، ولكن هل يقصدون الإنسان الغربي فقط؟ فحق كثير من الشعوب في الحياة يسلبه الغرب؛ فيزيد ثراءً من أموال الشعوب الأخرى وأقواتهم التي ينهبها الغرب، كما بنى حضارته على أشلائهم وعظامهم، كالأفارقة وغيرهم.

أما الإسلام فقد بين للأغنياء أنهم ليسوا إلا خلفاء في هذه الأموال، وأن الفقراء لهم حقوقٌ فيها؛ فيعطونها للفقراء لأنها حقهم لا تفضلًا منهم. وأنه لا يجوز أن يبيت إنسان جائع، وعند أحد الأغنياء قوت زائد عن حاجته، بل لقد قال (ابن حزم ): "وفُرض على الأغنياء من كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك، ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكل ميتة أو لحم خنزير وهو يجد طعامًا فيه فضل عن صاحبه لمسلم أو ذمي، وله أن يقاتل عن ذلك؛ فإن قُتل فعلى قاتله القود، وإن قُتل المانع فإلى لعنة الله؛ لأنه منع حقًا، وهو طائفة باغية، قال تعالى: " فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَي الأُخْرَي فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّي تَفِيءَ إِلَي أَمْرِ اللَّهِ "، ومانع الحق باغ على أخيه الذي له الحق، وبهذا قاتل (أبو بكر الصديق )، رضي الله عنه، مانعي الزكاة ".

والقرآن الكريم يحدد نطاق الإنفاق عندما يقول: "وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ "؛ والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له "، وقال الراوي (أبو سعيد الخدري ): "فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل "، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه، وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تعالى ".

ولقد سار على نفس هذا الدرب الخلفاء؛ فقال (عمر بن الخطاب ): "إن الله فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء؛ فما جاع فقير إلا بما متع غني! إن الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة، وإن المقل غريب في بلدته، أنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحد على أحد! "، وقال (عمر بن عبد العزيز ): "المال نهر أعظم، والناس شربهم فيه سواء".

3- التوظيف السياسي لحقوق الإنسان!
4- الحرية في المنظور الإسلامي
5- كيف تعامل الإسلام مع الرق؟
6- نظرة الإسلام إلى حرية الضمير
7- مكانة الإنسان في الكون!
8- تحرير المرأة بين الإسلام والليبرالية
9- الاختلاف الاجتماعي بين الليبرالية والشمولية والإسلام
10- الثروة والمال بين الاشتراكية والرأسمالية والإسلام!
11- الإسلام والسياسة

للكاتب/المؤلف : محمد عمارة .
دار النشر : مكتبة الشروق الدولية .
سنة النشر : 2004م / 1425هـ .
عدد مرات التحميل : 12545 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الجمعة , 25 مارس 2016م.
حجم الكتاب عند التحميل : 6.6 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

العطاء الحضارى للإسلام

لقد عمد - المؤلف - إلى الوقوف على المحطات الرئيسة التي انطلق منها الفقهاء والعلماء والمفكرون الإسلاميون الذين يطلق عليهم «المجددون» الذين ينفضون عن كاهل الإسلام كل ما يعلق به من أوشاب المفاهيم وأخطاء التأويل من غلاة الفكر والرأي.
لقد استطاع المؤلف أن يعرض من خلال هذا الكتاب بعض جوانب العظمة والتألق والإبداع الذي رافق مسيرة الحضارة الإسلامية منذ مولدها.. وكيف أفاء الإسلام على البشرية بمبادئ الحق والعدل والخير الذي لم تعرف البشرية مثله أبدا، فالأمة الإسلامية- كما يقول المؤلف- هي النموذج الأسمى في العمل الخيري، وفي العقلانية المؤمنة التي تؤمن بالتنوع والتعدد والاختلاف.

في البداية، يشير المؤلف إلى أن أمتنا وُلدتْ من بين دفتي «القرآن الكريم» الذي انبثقت منه «الجوامع الخمسة» التي بلورتْ هذه الأمة ووحّدتها وميّزتها عبر تاريخها الطويل، هذه الجوامع هي «العقيدة والشريعة والحضارة ووحدة الأمة ودار الإسلام» ومن القرآن الكريم تبلورتْ منظومة القيم والثوابت التي أصبحت معايير إسلامية الأمة وإسلامية الدولة وإسلامية الحضارة وإسلامية الحياة.
ولهذه الحقيقة تجاوز الإسلام حدود الدعوة الدينية إلى حيث أصبح أمة ودولة وحضارة منذ فجر ظهوره ولحظة انبثاق نور القرآن الكريم.. ولأن الإسلام هو خاتم الوحي والنبوات والرسالات.. كان القرآن- ولا يزال الحصن الذي يحمي مقومات الأمة الخاتمة من عاديات التحديات.

واجبات شرعية

وحول العطاء الحضاري للإسلام في مجال «حقوق الإنسان» يؤكد د.عمارة أن المسلمين عرفوا مبدأ حقوق الإنسان قديماً، ومارسوه لا كمجرد حقوق للإنسان، وإنما كفرائض إلهية وتكاليف وواجبات شرعية، لا يجوز للإنسان أن يتنازل عنها أو يفرط فيها حتى بمحض اختياره إنْ هو أراد!

جوانب التشريع الإسلامي

يقول د.عمارة: إن الدعوة الشاملة للإسلام تعني أنه دين ودنيا، دنيا وآخرة، ومنهاج شامل لتدبير ملكات الروح والجسد، وشؤون الفرد والأمة والإنسانية، وسياسة الدولة والاجتماع، وتقديم منظومة للقيم تحكم سائر شؤون الحياة.
وفيما يتعلق بالجانب العقدي والشعائري والروحي، لم يجادل أحد في استمرارية حيوية الإنسان في ميادينه، بأكثر مما هي في الشرائع الدينية الأخرى، فحتى عندما تراجعت أو عُزلتْ حاكمية الشريعة الإسلامية عن بعض ميادين الدولة والاجتماع والسياسة والاقتصاد-خاصة في ظل الاستعمار الغربي لأغلب أوطان عالم الإسلام- فلقد ظل الجانب العقدي والشعائري والقيمي قوي التأثير والجاذبية في حياة المسلمين.. وجاذبية هذا الجانب الروحي تتزايد في هذه السنوات، حيث اننا نشهد انعطافاً جماهيرياً للتدين، والحفاظ على الشعائر العبادية، وتحري معالم الحلال في العقائد والعبادات.
أما عن الشق التشريعي والقانوني في الإسلام، وتدبيره لسياسة الدولة والمجتمع والذي عزلت حاكميته عن كثير من الميادين الحياتية، لتحل محله القوانين الوضعية ذات الفلسفة الغربية في التشريع والتقنين، فإن هذا العزل لم يلق قبولاً لدى جماهير المسلمين، الذين أحسوا أن فيه قطعاً لإحدى رئتي الإسلام! ولذلك شملت حركة الإحياء الديني الإسلامي، الحديثة والمعاصرة الإسلام العقدي، والشعائري، وإسلام الشريعة، والسياسة والاجتماع، والاقتصاد جميعاً.

شمولية حركة اليقظة

وعلى حين ظن البعض أن الإسلام قد تخلى - بعد محاولات الاستعمار تحجيمه، وحصره في العقيدة والشعائر- عن شموليته وتكامل منهاجه، كانت شمولية حركة اليقظة، والإحياء الديني المعاصرة تبديداً لهذا الظن، فمحاولة علمنة عالم الإسلام ودوله وسياسة مجتمعاته لم تتجاوز القشرة التي أخذت تتحطم أمام سعي المد الإسلامي الحديث والمعاصر، ويشهد على هذه الحقيقة - حقيقة شمولية الدعوة الإسلامية، واستعصاء الإسلام على العلمنة والاختزال في العقيدة والتخلي عن الشريعة- علماء الغرب الذين وعوا أبعاد تكامل مقاصد الإحياء الإسلامي المعاصر .. فمثلاً، عالم الاجتماع الإنجليزي إرنست جيلنر يقول «إن النظرية التي يعتنقها علماء الاجتماع، والتي تقول إن المجتمع الصناعي والعلمي الحديث يقوض الإيمان الديني- مقولة العلمنة - صالحة على العموم .. وهي تتباين في التفاصيل والفروق الدقيقة من حالة إلى حالة، لكن التأثير السياسي والسيكولوجي للدين قد تناقص عملياً في كل المجتمعات، وبدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة، وعالم الإسلام استثناء مدهش وتام جداً من هذا.
فالإسلام مقاوم للعلمنة، وسيطرته على المؤمنين به قوية، وهي أقوى الآن مما كانت قبل مائة سنة مضت، فهو لم يقبل قواعد المجتمع العلماني، مثلما فعلت المسيحية بعد صراعات كثيرة ومؤلمة، وكان الإسلام على قدر من الرسوخ في المجال السياسي والاجتماعي يجعله رافضاً لأي تمييز بين ما لله وما لقيصر، بحيث لا يسمح أبداً لمعتنقيه أن يصبحوا مواطنين لديموقراطية علمانية» فحفاظ الإسلام على شمولية دعوته حتى يومنا هذا، حقيقة يشهد بها أهل العلم، حتى من غير المسلمين!

ظاهرة اليقظة الإسلامية

ويرى المؤلف أن ظاهرة اليقظة الإسلامية والاجتماعية والإحياء الديني التي برزت واجتذبت جماهير واسعة- على نحو غير مسبوق في العقود الأخيرة، من الظلم ومن الخطأ النظر إليها عند تقويم الإيجابيات والسلبيات فيها ككتلة واحدة صماء، فإذا مثّلت هذه الظاهرة الإسلامية تيارا إحيائيا يتغيى العودة كاملة إلى كامل الإسلام، واتخاذ هذا الإسلام منهاجاً شاملاً لكل مناحي الحياة العقدية والعبادية والخلقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية...الخ فإن في هذه الظاهرة العديد من الفضائل والتيارات التي تتمايز في إطارها العام، فهناك الجماهير العريضة، غير المؤطرة ولا المنظمة في أحزاب أو حركات، والتي اندفعت وتندفع ملايينها إلى الالتزام بأحكام الإسلام، باحثة عن حدود الله في شؤون حياتها، وعن معالم الحلال والحرام في هذه الحياة، محيية سنن الإسلام وشعائره في تفاصيل شؤونها الحياتية، وهناك فصيل وتيار العمل الخيري غير السياسي الذي أقام ويقيم في عالم الإسلام آلاف الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإغاثية والتنموية والصحية والفكرية والثقافية والتعليمية... الخ، وهو تيار يقيم قطاعاً من البنية التحتية التي تسهم في تخفيف مشقات حياة الناس بواسطة الحلال الإسلامي، مبرزاً دور الإسلام في البناء الاجتماعي والإنساني، وهناك أهل الفكر والاجتهاد والتجديد، الذين نذروا أنفسهم لصناعة الفكر والثقافة انطلاقاً من المنظور الإسلامي، يبدعون في ميادين الفكر الإسلامي، على تعدد وتنوع هذه الميادين، إصلاحاً لمناهج هذا الفكر، وتجديداً لفلسفاته، وصياغة لمعالم وسمات وقسمات مشروع حضاري إسلامي، يكون دليل عمل لكل فصائل وتيارات الإحياء الإسلامي المعاصر، وهناك التيار الحركي المنظم والمؤطّر في أحزاب وجماعات وجمعيات ذات مقاصد سياسية، وأغلب هذا التيار- على امتداد أوطان الأمة - يلتزم الوسطية الإسلامية والاعتدال الإسلامي، فيدعو إلى برامجه ومقاصده بالكلمة الطيبة، والحكمة والموعظة الحسنة، ويحاور ويجادل الفرقاء غير الإسلاميين بالتي هي أحسن، بل يصبر ويصابر على الكثير من ألوان القهر والتضييق والعقبات التي توضع في طرقه ويعاني الابتلاء بها، وهو يحتكم إلى جماهير الأمة عبر آليات الشورى والديموقراطية.

مظاهر العنف والغضب

ويرى المؤلف أن هناك شريحة محدودة العدد، اختار شبابها طريق الغضب والرفض والعنف والاحتجاج، إمّا «رد فعل نزق» لعنف النظم والحكومات التي حرمتهم من العمل القانوني السلمي والمشروع، وإما لتأويلات فاسدة لبعض المأثورات الإسلامية، من أحاديث الفتن وآخر الزمان، ومن فتاوى عزلوها عن ملابسات صدورها، وإما للأمرين معاً، وهذه الشريحة، وإن قلّ عددها، إلا أن صوتها قد أصبح عالياً، كطبيعة أصوات الغضب والاحتجاج دائماً وبسبب من المخطط الإعلامي الخبيث الذي يسلط على هذه الشريحة كل الأضواء، ليشوه كل الصور، وليلقي ظلال هذه الشريحة على كل الموكب العريض لظاهرة اليقظة الإسلامية المعاصرة، وذلك بهدف حجب الإيجابيات الكبيرة والكثيرة لأعظم ظواهر عصرنا عن أنظار الجماهير!
ويختتم المؤلف كتابه بالدعوة إلى الوحدة الفكرية والتضامن الروحي، والالتفاف حول الرؤية الوسطية والمنهج الإسلامي الوسطي من أجل التصدي لمحاولات الغزو والاختراق الفكري والثقافي الذي يهدد الكيان الإسلامي، فالوسطية هي صمام أمان مسيرة الحضارة الإسلامية في مختلف العصور



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل العطاء الحضاري للإسلام
محمد عمارة
محمد عمارة
Mohamed Emara
هو مفكر إسلامي مصري، ومؤلف ومحقق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ورئيس تحرير مجلة الأزهر حتى 16 يونيو 2015. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ ثورة 25 يناير وكسر حاجز الخوف ❝ ❞ الغزو الفكري وهم أم حقيقة؟ ❝ ❞ تحرير المرأة بين الغرب والاسلام ❝ ❞ شبهات حول القرآن الكريم ❝ ❞ الحضارات العالمية: تدافع أم صراع؟ ❝ ❞ تقرير علمي تعليقا على كتاب: مستعدين للمجاوبة لسمير مرقس الممنوع في مصر ❝ ❞ الإسلام والأقليات: الماضي، والحاضر، والمستقبل ❝ ❞ هذا هو الإسلام: الدين والحضارة، عوامل امتياز الإسلام - شهادة غربية ❝ ❞ في المسألة القبطية حقائق وأوهام ❝ الناشرين : ❞ دار الشروق للنشر والتوزيع: مصر - لبنان ❝ ❞ دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ الأزهر الشريف ❝ ❞ دار الشروق ❝ ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ دار الكتب والوثائق القومية ❝ ❞ دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ❝ ❞ مكتبة الشروق الدولية ❝ ❞ دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الامام البخاري ❝ ❞ مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار العلوم ❝ ❞ دار النهار للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ مركز الإعلام العربي ❝ ❞ مركز دراسات العالم الاسلامى ❝ ❞ دار الوحدة ❝ ❱.



كتب اخرى في تاريخ إسلامي حضارة اسلامية

تاريخ الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي لـ دكتور أبوزيد شلبي PDF

قراءة و تحميل كتاب تاريخ الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي لـ دكتور أبوزيد شلبي PDF مجانا

القيروان ودورها في الحضارة الإسلامية PDF

قراءة و تحميل كتاب القيروان ودورها في الحضارة الإسلامية PDF مجانا

قاضى القضاة فى الإسلام PDF

قراءة و تحميل كتاب قاضى القضاة فى الإسلام PDF مجانا

الشعراوى بين السياسة والدين PDF

قراءة و تحميل كتاب الشعراوى بين السياسة والدين PDF مجانا

عرض كل ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..