تدين ما بعد الإسلاموية، إذن، تدين جديد، متنصل من السياسة، ومتبرزج اجتماعيا، أسهم في توسيع دائرته، بحسب مؤلفنا، شخصين، من المتعهدين الدينيين الجدد، هما عبد الله جمنستيار في جنوب شرق آسيا، وعمرو خالد في مصر والشرق الأوسط، الذين تتحدد خصائص دعوتهما في رفض التسيس، إن لم يكن بغضه وازدراؤه، ورفض الوعظ العقابي، واستعمال اللهجة المحلية بدل العربية الفصحى، وتعمد الظهور بالمظهر العصري والأنيق، واستغلال الوسائط الإعلامية الحديثة.
يتعلق الأمر بتدين تحركه قوى السوق، ويميل إلى تخفيف حدة الدرس الديني السلفي، ويتميز باستراتيجية انفتاحية تتضمن وضع الديني في فضاء السوق العالمي غير الديني، حيث تجتمع السلفية والهجرة البورجوازية وعالم الأعمال تحت سقف واحد ينضم فيه الحلم الأمريكي إلى الحلم العربي، ليصبحا حلماً واحداً!
“إسلام السوق” تدين مسلم جديد، يفتخر بكونه مسلماً، ويتباهى بنزعته البورجوازية، الفعالة اقتصادياً، وغير المنخرطة سياسياً، والمستثمرة لقيم الثروة والإنجاز، والمطورة لمخيال ديني يتسم بإزاحة الإدانة الأخلاقية عن مفهوم الربح. هذا التوجه يفتح المجال لما يمكن اعتباره “حركة إصلاح للذوات الدينية” تستهدف “نفث روح رأسمالية داخل الأمة” لجعلها أكثر تنافسية في ساحات الأمم..”.
إنه “لا هوت النجاح” الذي يعكس ترسيما أيديولوجيا لحركة أسلمة بورجوازية الطابع، ويدافع عن علاقات مريحة مع مفاهيم الثروة والنقود (..) ويستعيد، وبقوة، نموذج النبي التاجر ويستقى منه مخيال إسلام السوق؛ ويعد طارق السويدان، في نظر الكاتب، نموذج الداعية الذي يجسد هذه الرغبة في الجمع بين الدعوة وبين إصلاح الذات بالاعتماد على أدبيات التحقق الذاتي الأمريكية؛ من دون أن ينسى الدور الرائد، الذي لعبه في هذا الاتجاه، فتح الله غولن في تركيا.
يتميز “إسلام السوق” بأولوية البعد الفرداني، وبخطاب ديني مؤيد لفكرة “الحد الأدنى من الدولة”، فاتحا، بذلك، الباب لـ ”إسلام بالمشاريع” يؤسس ل”نيوليبرالية” تحدث بالتزامن؛ وبشكل مزدوج؛ مع الواقع الذي يجتازه الإسلام السياسي حاليا، فهو يكرس من جهة حالة من البرجزة التي تلحق بالمنتمين إليها من خلال استلهام نموذج الثروة الفاضلة والخلاص عبر الأعمال الخيرية. ومن جهة ثانية يوفر لهؤلاء قاعدة أيديولوجية “لا تأبه كثيرا بالسياسة” لم تعد معها الدولة هي التحدي الأساس، وهو ما يكرس لمخيال طبقي يتوافق مع استرتيجية لتحقيق الثروة لا تتضمن مواجهة مع السلطة”.
هكذا يعتقد باتريك هايني أن الأمر يتعلق برؤية جديدة للعالم، يكتشف فيها الإسلاميون خصوصية تميزهم، وهي أن يلجوا عصر الحداثة من غير باب عصر الأنوار الفرنسية، ويعيدون صياغة مجالهم الديني في نسخة ليس فيها يوتوبيا، وتميل تدريجياً في اتجاه أمريكا المحافظة!
لا شك آن القارئ الكريم، قد لاحظ معنا، أن الكثير من الأفكار، التي تضمنها هذا الكتاب، تحتاج إلى مناقشة ومساءلة، وهو ما نوكله لنباهته وحسه النقدي، على أن نعود في مناسبة لاحقة، لفتح مجال للحوار مع أطروحته المركزية، بعدما توخينا قدراً كبيراً من الحياد والموضوعية في عرضها وتقديمها في هذه المقالة المتواضعة.
قراءة و تحميل كتاب Faith rejecters: The emotional history of skepticism PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب Political Islam: More than Islamism PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب Muslims in the Movies A Global Anthology PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب العودة إلى الحياء: اكتشاف الفضيلة المفقودة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب Irreducible Mind: Toward a Psychology for the 21st Century PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب Blasphemy and Freedom of Expression PDF مجانا