كتاب التراث والعلمانية: البنى والمرتكزات، الخلفية والمعطياتالمكتبة التجريبية

كتاب التراث والعلمانية: البنى والمرتكزات، الخلفية والمعطيات

يتحدث الدكتور (عبد الكريم سروش) في كتابه (التراث والعلمانية) عن شجون العلمانية، والأسئلة المطمورة في ثنايا التراث في عملية تحريك المفاهيم، وإذكاء فاعلية العقل المسلم، ليكون قادراً على مواجهة التحديات الصعبة التي يفرضها الواقع دون السقوط في حصار التهويمات الأيديولوجية والمطلقات الخاوية. التراث الديني والعالم الجديد يشير في الفصل الأول إلى حقيقة عصر الحداثة، وذلك من خلال الكشف عن الأطر الجوانية التي تشكل أنساقاً تحتية للعالم الجديد ومقارنتها بآليات وتصورات العالم القديم للانطلاق في مواجهة الحداثة من موقع الوضوح في الرؤية، مؤكداً أن الفوارق بين العالم القديم والحديث لا تنحصر في الوسائل والأدوات كما يتوهم البعض، بل تتعدى إلى المفاهيم والتصورات والتصديقات وضرورة التأسيس لوعي جديد على أساس ترتيب العلاقة مع الماضي واستشراف آفاق المستقبل من خلال فضح البداهات وتعرية المسبوقات التي تتوارى خلف الكليات والمتعاليات. فالعالم الجديد اليوم يمتلك معنى آخر للحياة، والناس يعيشون باتجاه غايات أخرى، هذه الغايات والأهداف التي تشيعها وسائل الإعلام بين الناس تتركز حول اللذة والنشوة في الحياة، فنستهلك أكثر، ونشتري أكثر، ونلبس أفضل، ونغفل أكثر. مشيراً إلى أن الغفلة التي هي من عجائب العالم الجديد أضحت أحد العناصر الرئيسة للحياة، وغاياتها الأساسية. أما فيما يتعلق بمسألة الحق والواجب، فوجد أنه وبالمقارنة بين الإنسان الحديث والإنسان القديم، أن توقعات الإنسان القديم وتقييمه لنفسه وللمجتمع يدور حول محور التكليف، بينما تدور متطلبات الإنسان الحديث حول محور الحقوق. كما أن النفعية التي تعتبر من إفرازات العقل الذرائعي للإنسان الحديث تشكل فارقاً من الفوارق بين الإنسان الحديث والقديم، وتتعمق هذه الفوارق وتطفو طبقاً للعوالم المختلفة التي يعيش فيها الإنسان، وتبدو المشكلة في أن فهمنا للدين يرتبط بالعالم القديم، وفهمنا ورؤيتنا للإنسان يرتبطان بالعصر الحديث والإنسان الجديد، وعندما نضع إحدى هاتين المقولتين إلى جانب الأخرى ـ حسب المؤلف- تبرز حالة التناقض وعدم الانسجام والتجانس فيما بينهما مما يثير علامات استفهام. العلمانية يكشف الدكتور سروش عن خفايا مفهوم العلمانية بعيداً عن السجالات والمنازعات التي ينجم عنها التباس المواقف، فيشير إلى أن العلمانية، هي ظاهرة فكرية تتضمن حالة فكرية ونزعة نفسانية للإنسان المعاصر، وعلى الرغم من وجود العديد من التعاريف للعلمانية، إلا أنها على اختلافها تشترك في عنصر واحد من العناصر الفرعية للعلمانية، وهو: فصل الدين عن الدولة الذي يشكل العنصر الأبرز في تحليل مفهوم العلمانية. من هنا، تبدو العلمانية منافسة للدين (الدين لله)، وبإمكانها أن تحل محله وتعمل على إقصائه عن واقع الحياة، والعلمانية تعمل على تلوين الأفكار بلون دنيوي بحيث يسلب هذا اللون الدنيوي اللون الديني، وبذلك تقصي التفكير في المبدأ والمعاد، وعندما تسلب هذه الأمور يمكن القول بظهور دين جديد، ورغم أنه لا يطلق على نفسه اسم الدين. لكنه يعمل عمل الدين ويؤدي الوظيفة ذاتها. والعلمانية وإن كانت بحسب الظاهر حلت محل الدين ومنحت الناس الدوافع والأفكار، لكنها لم تتمكن من تعويض ذلك الشيء، ولهذا السبب فإن المجتمعات غير الدينية تعيش التحسر على التدين والإيمان حتى في صفوف غير المتدينين لأنهم فقدوا عنصر الإيثار والجود والكرم والتضحية، الذي ينطلق من دوافع دينية، بينما في العلمانية فإن معيار المحاسبة العقلية هو الربح والمصلحة. المسلمون والتنمية وفي موضوعة المسلمون والتنمية تناول الدكتور سروش إشكاليات عديدة أشار فيها إلى أجواء التخلف التي يعيش فيها المسلمون، وأجواء التقدم والرقي التي يعيش فيها غير المسلمين (الغرب)، معبراً عن ذلك بأربع مقولات ـ وحسب رأيه- هي سبب تخلف المسلمين وتبدو في: التدين والالتزام بالإسلام، و التخلف، و عدم الإسلام أو الكفر أو اللادين، وأخيراً التطور. إن الانتماء إلى مذهب أو دين معين لا يتم من خلال الادعاء المحض، ومن الطبيعي أن تدخل العقيدة في كون المرء مسلماً، فكونه مسلماً لا يتحدد بالعمل فقط، فلا بد من توافر عنصري الاعتقاد والنية اللذين يمثلان دعامة العبادات، أما التخلف فأمره مفوض إلى المسلمين أنفسهم وبإمكانهم بناء المجتمع المطلوب والتحرك نحو تجديد أركانه ومعالمه، فالإسلام لا يمنع التطور، وعلى المسلمين أن يعقدوا العزم على بناء المجتمع المطلوب فلا أحد من العلماء أو المتكلمين أو الفقهاء ذكر في تعريف المسلم أن المسلم الجيد والحقيقي هو العالم بالطب أو الرياضيات أو علم الاجتماع، فالدين يحتاج إليه جميع الناس ولا يرتبط بمنطقة خاصة وتاريخ خاص، بل ينسجم مع جميع المجتمعات البشرية. وفي مقولة الكفر والتطور يرى المؤلف أن ثمة خلل في ثقافتنا لا يسمح لنا بالاحتفاظ بموروثنا العلمي والاستفادة منه، في حين استطاع الغرب استثمار هذا الموروث العلمي والفكري بأفضل ما يمكن. متسائلاً عن السر الكامن في أن الوارث المسلم لم يتمكن من استخدام موروثه الفكري والعلمي بينما تمكن الآخرون من الإفادة منه؟ راداً ذلك إلى عدة عوامل أهمها الاستبداد، الذي أرخى بظلاله على مجتمعاتنا في الوقت الذي نعم فيه الغرب بنسائم الديمقراطية، وهي أهم عوامل ازدهار وتطور الحضارة الغربية. ويتجلى العامل الآخر في ظهور البروتستانتية مقابل الكنيسة الكاثوليكية، التي أثارت علامات استفهام حول مرجعية الكنيسة، وعملت على زحزحة قدرة الكنيسة واستبداد رجال الدين الكنسيين، فضلاً عن ظهور العلوم التجريبية التي وضعت حداً لمزاعم ومطامع القساوسة ورجال الدين، أما المقولة الأخيرة التي يبحث فيها فهي أسباب التقدم والرقي، التي يراها في الصدق والأمانة والحريات السياسية الخارجية والداخلية والتقرب من الله لإشاعة أجواء الطهر والنقاء في العلاقات الإنسانية. تقابل التراث والحداثة تعرض الكثير من الكتاب والمفكرين لبيان أصل الحداثة وماهيتها، وكذلك ماهية التراث والالتزام به، وأوجه التقابل والاختلاف فيما بينهما. لكن الدكتور سروش في مقاربته للتراث والحداثة، وجد أن للحداثة رؤيتين، إحداهما رؤية العوام، الذين يرون أن هناك تفاوتاً واضحاً في عالم اليوم عن الماضي، ويكفي أن يفتح الإنسان عينيه ليرى هذا التفاوت بكل وضوح في ميادين العلم والتقنية والصناعة... أما رؤية الخواص، فهي أن معالم التجدد والحداثة في الواقع الخارجي مسبوقة بتجدد عالم الأفكار، والإنسان في عالم اليوم عزم على السيطرة على الطبيعة، وأخذ يتعامل معها من موقع الخصومة والمجابهة، ورؤيته الكونية أضحت عقلانية، في حين لم يكن الإنسان في الماضي يملك هذه الرؤية، ورؤيته للكون تقوم على الأسطورة. فضلاً عن أن عقل الإنسان الحديث اختلف بشكل ماهوي عن عقل الإنسان القديم الذي كان أكثر تديناً، وأكثر تطلعاً إلى ما وراء الطبيعة، ودور الله في حياته كان دوراً محورياً، بينما نجد أن الإنسان الحديث قلما يذكر الله، ويعتمد، غالباً، على عقله وإمكاناته – مذهب أومانيسم- أو محورية الإنسان. والعلماء في الماضي كانوا يهتمون بتفسير العالم، الذي كان محدوداً جداً، واليوم تحوّل اهتمامهم إلى تغيير العالم الواسع من حيث الزمان والمكان، فهو أكبر بكثير مما يتصوره العقل. هذه المقابلات بين العالم القديم والعالم الحديث، أفرزت نوعين من النظريات التجديدية، أولاهما: تجدد يفترض في قوامه وجود رابطة مع الموجود السابق رغم وجود الفوارق بينهما، بمعنى أن العالم الحديث موصول بالعالم القديم. وثانيهما: هو الانقطاع والتسامي عن الماضي والخروج عن إطاره. وفي تحليله للتراث والحداثة يجد الدكتور سروش أن هناك رابطاً أساسياً وموضوعياً بينهما، فالقدماء أو التراثيين كانوا يتحركون في حياتهم بعقولهم، ولكنهم لا يسألون عن حقيقة العقل، ويعيشون التوغل في الدين ولا يبحثون في علومه، ويملكون إيديولوجيا، ولكنهم لا يملكون معرفتها، وأخيراً، يملكون المعرفة ولكنهم يفتقدون علم المعرفة. من هنا، يبدو جوهر الحداثة والتجدد في العالم الجديد – حسب المؤلف- يكمن في ظهور المعارف من الدرجة الثانية التي ترتبط بابستمولوجيا العلوم. وسواء اتفقنا مع المؤلف في استنتاجه هذا، أم لم نتفق، لا يمكننا إنكار الدور الذي لعبه العلماء والفلاسفة القدماء والتراثيين في تقدم العلوم والمعارف، فالكثير من النظريات الرياضية والعقلية التي أبدعها هؤلاء، كانت الركيزة الأساس في تقدم العلوم والمعارف.
عبد الكريم سروش - عبد الكريم سروش هو الاسم المستعار لحسين حاجي فرج الدباغ، من كبار المثقفين الإيرانيين الدينيين المعاصرين، من مواليد طهران سنة 1945، درس في المدرسة الثانوية (الرفاه) وهي من المدارس التي كانت تحرص على الجمع في مناهجها بين الدروس الدينية وبين المواد العلمية المعاصرة، التحق في جامعة لندن في فرع الكيمياء وحصل على الدكتوراه، وكان إضافة لتخصصه في الكيمياء والصيدلة متبحراً في فلسفة العلم ومطلعاً على معطيات أحدث تياراتها النقدية الحديثة وتراث المدرسة الوضعية.كان سروش قريباً من علي شريعتي ومرتضى مطهري، وهما وجهان محوريان في فترة ما قبل الثورة في إيران، وبعد الثورة عاد إلى بلده وشغل مناصب عليا في الدولة وأخرى بحثية أهمها الأبحاث والدراسات الثقافية . التأليف ظهر سروش منذ أوائل الثمانينيات كواحد من الكتاب غزيري الإنتاج في إيران، وعالجت كتاباته الأولى النظريات الماركسية وموضوعات فلسفة العلم، ومن أهم أعماله البارزة في تلك الفترة كتاب "المعرفة والقيمة" وكتاب "ما هو العلم؟ ماهي الفلسفة؟" إضافة إلى دراسة نقدية لكتاب محمد باقر الصدر "الأسس المنطقية للاستقراء" نقلت على العربية ضمن كتاب السيد عمار أبو رغيف بعنوان "الأسس المنطقية للاستقراء في ضوء دراسة الدكتور سروش" سنة 1989، وهي السنة التي بدأ فيها سروش بنشر مقالات "القبض والبسط للشريعة" وقد أثارت جدلاً واسعاً ونقاشاً حادا بين المؤيدين والمعارضين، فجمعت بعد ذلك في كتاب حمل العنوان نفسه "القبض والبسط في الشريعة" ونقل إلى العربية. فليس من قبيل الصدفة أن يؤلف في إيران وحدها ثلاثون كتاباً لمناقشة آراء سروش، عشرون منها تتفق معه وتؤازره والعشرة الأخرى تقف بالضد من تلك الآراء والطروحات. وميزة سروش أنه مفكر تكونت ثقافته ومنهجيته في البحث من أبعاد علمية متعددة فهو صاحب اختصاص في الصيدلة والكيمياء وهو متابع لأحدث الدراسات الغربية في التاريخ وفلسفة العلوم وعلم المعرفة (الإبستمولوجيا)، وهو إضافة إلى ذلك ناشط ثقافي وسياسي ومتبحر في علم الكلام والتفسير وأصول الفقه ومتذوق لأدبيات العرفان. ولعل ذلك ما دفعه إلى استمداد مفهومي "القبض" و"البسط" من الحقل الصوفي كعنوان لنظريته، ساعياً في ذلك إلى إبراز خاصية التحول والتغير التي تميز المعرفة البشرية ومن ضمنها المعرفة الدينية. أفكاره يرى سروش أن الأجزاء المختلفة للمعرفة البشرية هي في تعاط مستمر في ما بينها، وإذا ما شهد العلم إبداعاً فإنه يترك تأثيره على علم الفلسفة، وأن تحوّل الفهم الفلسفي يغير فهم الشخص حول الإنسان والكون، وعندما يأخذ الإنسان والكون وجهاً آخر فإن المعرفة الدينية تأخذ معنى جديداً أيضاً. وهو يعتبر أن نظريته تعتمد من جهة على الفكر الديني التقليدي، وتأخذ بنظر الاعتبار من جهة أخرى مكتسبات الفكر والمعرفة البشرية، وبالتالي فهي منهج لطرح جديد وعصري للدين، وأن التحوّل والتطوّر في المعرفة الدينية ليسا ناجمين عن المؤامرة والخيانة ووسوسة الشيطان، بل من لزوم التغييرات القهرية في الكون، وحركة الذهن، وسعة استيعاب الفهم، وطموحات الفكر وتطلّعات الروح البشرية المعادية للجهل. وخلافا لمطهري وشريعتي لا يعد سروش المجتهدين من رجال إحياء وإعادة بناء الفكر الديني، لأن الاجتهاد لديهم هو تغيير في الفروع وليس تحوّلاً في المبادئ والأصول، ولذلك فهو يرى أن المستنير الحقيقي في إعادة بناء الفكر الديني هو الشخص الذي يجيز الاجتهاد في الأصول أيضاَ. إن الأمر المهم في هذه الدراسة هو المقارنة بين هذه النظرات من مختلف الجهات كالرؤى، والسبل، والمناهج التي تطرح لإحياء الدين، والمنهج المعرفي، وعلم الإنسان، وعلاقة الدين والدنيا، وعلاقة العلم والدين، ودوافع دراسة الفكر الديني، وسر خلود الدين ورسالته والمصلحين الدينيين.❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كلام محمد - رؤى محمد ❝ ❞ التراث والعلمانية: البنى والمرتكزات، الخلفية والمعطيات ❝ ❞ الغزاليّ والمولويّ ❝ ❞ القبض والبسط في الشريعة ❝ الناشرين : ❞ منشورات الجمل ❝ ❞ دار الجديد ❝ ❞ دار أبكالو للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❱
من فكر إسلامي الفكر والفلسفة - مكتبة المكتبة التجريبية.

وصف الكتاب :
يتحدث الدكتور (عبد الكريم سروش) في كتابه (التراث والعلمانية) عن شجون العلمانية، والأسئلة المطمورة في ثنايا التراث في عملية تحريك المفاهيم، وإذكاء فاعلية العقل المسلم، ليكون قادراً على مواجهة التحديات الصعبة التي يفرضها الواقع دون السقوط في حصار التهويمات الأيديولوجية والمطلقات الخاوية.



التراث الديني والعالم الجديد

يشير في الفصل الأول إلى حقيقة عصر الحداثة، وذلك من خلال الكشف عن الأطر الجوانية التي تشكل أنساقاً تحتية للعالم الجديد ومقارنتها بآليات وتصورات العالم القديم للانطلاق في مواجهة الحداثة من موقع الوضوح في الرؤية، مؤكداً أن الفوارق بين العالم القديم والحديث لا تنحصر في الوسائل والأدوات كما يتوهم البعض، بل تتعدى إلى المفاهيم والتصورات والتصديقات وضرورة التأسيس لوعي جديد على أساس ترتيب العلاقة مع الماضي واستشراف آفاق المستقبل من خلال فضح البداهات وتعرية المسبوقات التي تتوارى خلف الكليات والمتعاليات.
فالعالم الجديد اليوم يمتلك معنى آخر للحياة، والناس يعيشون باتجاه غايات أخرى، هذه الغايات والأهداف التي تشيعها وسائل الإعلام بين الناس تتركز حول اللذة والنشوة في الحياة، فنستهلك أكثر، ونشتري أكثر، ونلبس أفضل، ونغفل أكثر. مشيراً إلى أن الغفلة التي هي من عجائب العالم الجديد أضحت أحد العناصر الرئيسة للحياة، وغاياتها الأساسية.
أما فيما يتعلق بمسألة الحق والواجب، فوجد أنه وبالمقارنة بين الإنسان الحديث والإنسان القديم، أن توقعات الإنسان القديم وتقييمه لنفسه وللمجتمع يدور حول محور التكليف، بينما تدور متطلبات الإنسان الحديث حول محور الحقوق. كما أن النفعية التي تعتبر من إفرازات العقل الذرائعي للإنسان الحديث تشكل فارقاً من الفوارق بين الإنسان الحديث والقديم، وتتعمق هذه الفوارق وتطفو طبقاً للعوالم المختلفة التي يعيش فيها الإنسان، وتبدو المشكلة في أن فهمنا للدين يرتبط بالعالم القديم، وفهمنا ورؤيتنا للإنسان يرتبطان بالعصر الحديث والإنسان الجديد، وعندما نضع إحدى هاتين المقولتين إلى جانب الأخرى ـ حسب المؤلف- تبرز حالة التناقض وعدم الانسجام والتجانس فيما بينهما مما يثير علامات استفهام.



العلمانية

يكشف الدكتور سروش عن خفايا مفهوم العلمانية بعيداً عن السجالات والمنازعات التي ينجم عنها التباس المواقف، فيشير إلى أن العلمانية، هي ظاهرة فكرية تتضمن حالة فكرية ونزعة نفسانية للإنسان المعاصر، وعلى الرغم من وجود العديد من التعاريف للعلمانية، إلا أنها على اختلافها تشترك في عنصر واحد من العناصر الفرعية للعلمانية، وهو: فصل الدين عن الدولة الذي يشكل العنصر الأبرز في تحليل مفهوم العلمانية. من هنا، تبدو العلمانية منافسة للدين (الدين لله)، وبإمكانها أن تحل محله وتعمل على إقصائه عن واقع الحياة، والعلمانية تعمل على تلوين الأفكار بلون دنيوي بحيث يسلب هذا اللون الدنيوي اللون الديني، وبذلك تقصي التفكير في المبدأ والمعاد، وعندما تسلب هذه الأمور يمكن القول بظهور دين جديد، ورغم أنه لا يطلق على نفسه اسم الدين. لكنه يعمل عمل الدين ويؤدي الوظيفة ذاتها. والعلمانية وإن كانت بحسب الظاهر حلت محل الدين ومنحت الناس الدوافع والأفكار، لكنها لم تتمكن من تعويض ذلك الشيء، ولهذا السبب فإن المجتمعات غير الدينية تعيش التحسر على التدين والإيمان حتى في صفوف غير المتدينين لأنهم فقدوا عنصر الإيثار والجود والكرم والتضحية، الذي ينطلق من دوافع دينية، بينما في العلمانية فإن معيار المحاسبة العقلية هو الربح والمصلحة.



المسلمون والتنمية

وفي موضوعة المسلمون والتنمية تناول الدكتور سروش إشكاليات عديدة أشار فيها إلى أجواء التخلف التي يعيش فيها المسلمون، وأجواء التقدم والرقي التي يعيش فيها غير المسلمين (الغرب)، معبراً عن ذلك بأربع مقولات ـ وحسب رأيه- هي سبب تخلف المسلمين وتبدو في: التدين والالتزام بالإسلام، و التخلف، و عدم الإسلام أو الكفر أو اللادين، وأخيراً التطور.

إن الانتماء إلى مذهب أو دين معين لا يتم من خلال الادعاء المحض، ومن الطبيعي أن تدخل العقيدة في كون المرء مسلماً، فكونه مسلماً لا يتحدد بالعمل فقط، فلا بد من توافر عنصري الاعتقاد والنية اللذين يمثلان دعامة العبادات، أما التخلف فأمره مفوض إلى المسلمين أنفسهم وبإمكانهم بناء المجتمع المطلوب والتحرك نحو تجديد أركانه ومعالمه، فالإسلام لا يمنع التطور، وعلى المسلمين أن يعقدوا العزم على بناء المجتمع المطلوب فلا أحد من العلماء أو المتكلمين أو الفقهاء ذكر في تعريف المسلم أن المسلم الجيد والحقيقي هو العالم بالطب أو الرياضيات أو علم الاجتماع، فالدين يحتاج إليه جميع الناس ولا يرتبط بمنطقة خاصة وتاريخ خاص، بل ينسجم مع جميع المجتمعات البشرية. وفي مقولة الكفر والتطور يرى المؤلف أن ثمة خلل في ثقافتنا لا يسمح لنا بالاحتفاظ بموروثنا العلمي والاستفادة منه، في حين استطاع الغرب استثمار هذا الموروث العلمي والفكري بأفضل ما يمكن. متسائلاً عن السر الكامن في أن الوارث المسلم لم يتمكن من استخدام موروثه الفكري والعلمي بينما تمكن الآخرون من الإفادة منه؟ راداً ذلك إلى عدة عوامل أهمها الاستبداد، الذي أرخى بظلاله على مجتمعاتنا في الوقت الذي نعم فيه الغرب بنسائم الديمقراطية، وهي أهم عوامل ازدهار وتطور الحضارة الغربية. ويتجلى العامل الآخر في ظهور البروتستانتية مقابل الكنيسة الكاثوليكية، التي أثارت علامات استفهام حول مرجعية الكنيسة، وعملت على زحزحة قدرة الكنيسة واستبداد رجال الدين الكنسيين، فضلاً عن ظهور العلوم التجريبية التي وضعت حداً لمزاعم ومطامع القساوسة ورجال الدين، أما المقولة الأخيرة التي يبحث فيها فهي أسباب التقدم والرقي، التي يراها في الصدق والأمانة والحريات السياسية الخارجية والداخلية والتقرب من الله لإشاعة أجواء الطهر والنقاء في العلاقات الإنسانية.



تقابل التراث والحداثة

تعرض الكثير من الكتاب والمفكرين لبيان أصل الحداثة وماهيتها، وكذلك ماهية التراث والالتزام به، وأوجه التقابل والاختلاف فيما بينهما. لكن الدكتور سروش في مقاربته للتراث والحداثة، وجد أن للحداثة رؤيتين، إحداهما رؤية العوام، الذين يرون أن هناك تفاوتاً واضحاً في عالم اليوم عن الماضي، ويكفي أن يفتح الإنسان عينيه ليرى هذا التفاوت بكل وضوح في ميادين العلم والتقنية والصناعة... أما رؤية الخواص، فهي أن معالم التجدد والحداثة في الواقع الخارجي مسبوقة بتجدد عالم الأفكار، والإنسان في عالم اليوم عزم على السيطرة على الطبيعة، وأخذ يتعامل معها من موقع الخصومة والمجابهة، ورؤيته الكونية أضحت عقلانية، في حين لم يكن الإنسان في الماضي يملك هذه الرؤية، ورؤيته للكون تقوم على الأسطورة. فضلاً عن أن عقل الإنسان الحديث اختلف بشكل ماهوي عن عقل الإنسان القديم الذي كان أكثر تديناً، وأكثر تطلعاً إلى ما وراء الطبيعة، ودور الله في حياته كان دوراً محورياً، بينما نجد أن الإنسان الحديث قلما يذكر الله، ويعتمد، غالباً، على عقله وإمكاناته – مذهب أومانيسم- أو محورية الإنسان. والعلماء في الماضي كانوا يهتمون بتفسير العالم، الذي كان محدوداً جداً، واليوم تحوّل اهتمامهم إلى تغيير العالم الواسع من حيث الزمان والمكان، فهو أكبر بكثير مما يتصوره العقل.
هذه المقابلات بين العالم القديم والعالم الحديث، أفرزت نوعين من النظريات التجديدية، أولاهما: تجدد يفترض في قوامه وجود رابطة مع الموجود السابق رغم وجود الفوارق بينهما، بمعنى أن العالم الحديث موصول بالعالم القديم. وثانيهما: هو الانقطاع والتسامي عن الماضي والخروج عن إطاره. وفي تحليله للتراث والحداثة يجد الدكتور سروش أن هناك رابطاً أساسياً وموضوعياً بينهما، فالقدماء أو التراثيين كانوا يتحركون في حياتهم بعقولهم، ولكنهم لا يسألون عن حقيقة العقل، ويعيشون التوغل في الدين ولا يبحثون في علومه، ويملكون إيديولوجيا، ولكنهم لا يملكون معرفتها، وأخيراً، يملكون المعرفة ولكنهم يفتقدون علم المعرفة. من هنا، يبدو جوهر الحداثة والتجدد في العالم الجديد – حسب المؤلف- يكمن في ظهور المعارف من الدرجة الثانية التي ترتبط بابستمولوجيا العلوم. وسواء اتفقنا مع المؤلف في استنتاجه هذا، أم لم نتفق، لا يمكننا إنكار الدور الذي لعبه العلماء والفلاسفة القدماء والتراثيين في تقدم العلوم والمعارف، فالكثير من النظريات الرياضية والعقلية التي أبدعها هؤلاء، كانت الركيزة الأساس في تقدم العلوم والمعارف.

للكاتب/المؤلف : عبد الكريم سروش .
دار النشر : منشورات الجمل .
سنة النشر : 2009م / 1430هـ .
عدد مرات التحميل : 2496 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الأحد , 14 نوفمبر 2021م.

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:


يتحدث الدكتور (عبد الكريم سروش) في كتابه (التراث والعلمانية) عن شجون العلمانية، والأسئلة المطمورة في ثنايا التراث في عملية تحريك المفاهيم، وإذكاء فاعلية العقل المسلم، ليكون قادراً على مواجهة التحديات الصعبة التي يفرضها الواقع دون السقوط في حصار التهويمات الأيديولوجية والمطلقات الخاوية.



التراث الديني والعالم الجديد

يشير في الفصل الأول إلى حقيقة عصر الحداثة، وذلك من خلال الكشف عن الأطر الجوانية التي تشكل أنساقاً تحتية للعالم الجديد ومقارنتها بآليات وتصورات العالم القديم للانطلاق في مواجهة الحداثة من موقع الوضوح في الرؤية، مؤكداً أن الفوارق بين العالم القديم والحديث لا تنحصر في الوسائل والأدوات كما يتوهم البعض، بل تتعدى إلى المفاهيم والتصورات والتصديقات وضرورة التأسيس لوعي جديد على أساس ترتيب العلاقة مع الماضي واستشراف آفاق المستقبل من خلال فضح البداهات وتعرية المسبوقات التي تتوارى خلف الكليات والمتعاليات.
فالعالم الجديد اليوم يمتلك معنى آخر للحياة، والناس يعيشون باتجاه غايات أخرى، هذه الغايات والأهداف التي تشيعها وسائل الإعلام بين الناس تتركز حول اللذة والنشوة في الحياة، فنستهلك أكثر، ونشتري أكثر، ونلبس أفضل، ونغفل أكثر. مشيراً إلى أن الغفلة التي هي من عجائب العالم الجديد أضحت أحد العناصر الرئيسة للحياة، وغاياتها الأساسية.
أما فيما يتعلق بمسألة الحق والواجب، فوجد أنه وبالمقارنة بين الإنسان الحديث والإنسان القديم، أن توقعات الإنسان القديم وتقييمه لنفسه وللمجتمع يدور حول محور التكليف، بينما تدور متطلبات الإنسان الحديث حول محور الحقوق. كما أن النفعية التي تعتبر من إفرازات العقل الذرائعي للإنسان الحديث تشكل فارقاً من الفوارق بين الإنسان الحديث والقديم، وتتعمق هذه الفوارق وتطفو طبقاً للعوالم المختلفة التي يعيش فيها الإنسان، وتبدو المشكلة في أن فهمنا للدين يرتبط بالعالم القديم، وفهمنا ورؤيتنا للإنسان يرتبطان بالعصر الحديث والإنسان الجديد، وعندما نضع إحدى هاتين المقولتين إلى جانب الأخرى ـ حسب المؤلف- تبرز حالة التناقض وعدم الانسجام والتجانس فيما بينهما مما يثير علامات استفهام.



العلمانية

يكشف الدكتور سروش عن خفايا مفهوم العلمانية بعيداً عن السجالات والمنازعات التي ينجم عنها التباس المواقف، فيشير إلى أن العلمانية، هي ظاهرة فكرية تتضمن حالة فكرية ونزعة نفسانية للإنسان المعاصر، وعلى الرغم من وجود العديد من التعاريف للعلمانية، إلا أنها على اختلافها تشترك في عنصر واحد من العناصر الفرعية للعلمانية، وهو: فصل الدين عن الدولة الذي يشكل العنصر الأبرز في تحليل مفهوم العلمانية. من هنا، تبدو العلمانية منافسة للدين (الدين لله)، وبإمكانها أن تحل محله وتعمل على إقصائه عن واقع الحياة، والعلمانية تعمل على تلوين الأفكار بلون دنيوي بحيث يسلب هذا اللون الدنيوي اللون الديني، وبذلك تقصي التفكير في المبدأ والمعاد، وعندما تسلب هذه الأمور يمكن القول بظهور دين جديد، ورغم أنه لا يطلق على نفسه اسم الدين. لكنه يعمل عمل الدين ويؤدي الوظيفة ذاتها. والعلمانية وإن كانت بحسب الظاهر حلت محل الدين ومنحت الناس الدوافع والأفكار، لكنها لم تتمكن من تعويض ذلك الشيء، ولهذا السبب فإن المجتمعات غير الدينية تعيش التحسر على التدين والإيمان حتى في صفوف غير المتدينين لأنهم فقدوا عنصر الإيثار والجود والكرم والتضحية، الذي ينطلق من دوافع دينية، بينما في العلمانية فإن معيار المحاسبة العقلية هو الربح والمصلحة.



المسلمون والتنمية

وفي موضوعة المسلمون والتنمية تناول الدكتور سروش إشكاليات عديدة أشار فيها إلى أجواء التخلف التي يعيش فيها المسلمون، وأجواء التقدم والرقي التي يعيش فيها غير المسلمين (الغرب)، معبراً عن ذلك بأربع مقولات ـ وحسب رأيه- هي سبب تخلف المسلمين وتبدو في: التدين والالتزام بالإسلام، و التخلف، و عدم الإسلام أو الكفر أو اللادين، وأخيراً التطور.
إن الانتماء إلى مذهب أو دين معين لا يتم من خلال الادعاء المحض، ومن الطبيعي أن تدخل العقيدة في كون المرء مسلماً، فكونه مسلماً لا يتحدد بالعمل فقط، فلا بد من توافر عنصري الاعتقاد والنية اللذين يمثلان دعامة العبادات، أما التخلف فأمره مفوض إلى المسلمين أنفسهم وبإمكانهم بناء المجتمع المطلوب والتحرك نحو تجديد أركانه ومعالمه، فالإسلام لا يمنع التطور، وعلى المسلمين أن يعقدوا العزم على بناء المجتمع المطلوب فلا أحد من العلماء أو المتكلمين أو الفقهاء ذكر في تعريف المسلم أن المسلم الجيد والحقيقي هو العالم بالطب أو الرياضيات أو علم الاجتماع، فالدين يحتاج إليه جميع الناس ولا يرتبط بمنطقة خاصة وتاريخ خاص، بل ينسجم مع جميع المجتمعات البشرية. وفي مقولة الكفر والتطور يرى المؤلف أن ثمة خلل في ثقافتنا لا يسمح لنا بالاحتفاظ بموروثنا العلمي والاستفادة منه، في حين استطاع الغرب استثمار هذا الموروث العلمي والفكري بأفضل ما يمكن. متسائلاً عن السر الكامن في أن الوارث المسلم لم يتمكن من استخدام موروثه الفكري والعلمي بينما تمكن الآخرون من الإفادة منه؟ راداً ذلك إلى عدة عوامل أهمها الاستبداد، الذي أرخى بظلاله على مجتمعاتنا في الوقت الذي نعم فيه الغرب بنسائم الديمقراطية، وهي أهم عوامل ازدهار وتطور الحضارة الغربية. ويتجلى العامل الآخر في ظهور البروتستانتية مقابل الكنيسة الكاثوليكية، التي أثارت علامات استفهام حول مرجعية الكنيسة، وعملت على زحزحة قدرة الكنيسة واستبداد رجال الدين الكنسيين، فضلاً عن ظهور العلوم التجريبية التي وضعت حداً لمزاعم ومطامع القساوسة ورجال الدين، أما المقولة الأخيرة التي يبحث فيها فهي أسباب التقدم والرقي، التي يراها في الصدق والأمانة والحريات السياسية الخارجية والداخلية والتقرب من الله لإشاعة أجواء الطهر والنقاء في العلاقات الإنسانية.



تقابل التراث والحداثة

تعرض الكثير من الكتاب والمفكرين لبيان أصل الحداثة وماهيتها، وكذلك ماهية التراث والالتزام به، وأوجه التقابل والاختلاف فيما بينهما. لكن الدكتور سروش في مقاربته للتراث والحداثة، وجد أن للحداثة رؤيتين، إحداهما رؤية العوام، الذين يرون أن هناك تفاوتاً واضحاً في عالم اليوم عن الماضي، ويكفي أن يفتح الإنسان عينيه ليرى هذا التفاوت بكل وضوح في ميادين العلم والتقنية والصناعة... أما رؤية الخواص، فهي أن معالم التجدد والحداثة في الواقع الخارجي مسبوقة بتجدد عالم الأفكار، والإنسان في عالم اليوم عزم على السيطرة على الطبيعة، وأخذ يتعامل معها من موقع الخصومة والمجابهة، ورؤيته الكونية أضحت عقلانية، في حين لم يكن الإنسان في الماضي يملك هذه الرؤية، ورؤيته للكون تقوم على الأسطورة. فضلاً عن أن عقل الإنسان الحديث اختلف بشكل ماهوي عن عقل الإنسان القديم الذي كان أكثر تديناً، وأكثر تطلعاً إلى ما وراء الطبيعة، ودور الله في حياته كان دوراً محورياً، بينما نجد أن الإنسان الحديث قلما يذكر الله، ويعتمد، غالباً، على عقله وإمكاناته – مذهب أومانيسم- أو محورية الإنسان. والعلماء في الماضي كانوا يهتمون بتفسير العالم، الذي كان محدوداً جداً، واليوم تحوّل اهتمامهم إلى تغيير العالم الواسع من حيث الزمان والمكان، فهو أكبر بكثير مما يتصوره العقل.
هذه المقابلات بين العالم القديم والعالم الحديث، أفرزت نوعين من النظريات التجديدية، أولاهما: تجدد يفترض في قوامه وجود رابطة مع الموجود السابق رغم وجود الفوارق بينهما، بمعنى أن العالم الحديث موصول بالعالم القديم. وثانيهما: هو الانقطاع والتسامي عن الماضي والخروج عن إطاره. وفي تحليله للتراث والحداثة يجد الدكتور سروش أن هناك رابطاً أساسياً وموضوعياً بينهما، فالقدماء أو التراثيين كانوا يتحركون في حياتهم بعقولهم، ولكنهم لا يسألون عن حقيقة العقل، ويعيشون التوغل في الدين ولا يبحثون في علومه، ويملكون إيديولوجيا، ولكنهم لا يملكون معرفتها، وأخيراً، يملكون المعرفة ولكنهم يفتقدون علم المعرفة. من هنا، يبدو جوهر الحداثة والتجدد في العالم الجديد – حسب المؤلف- يكمن في ظهور المعارف من الدرجة الثانية التي ترتبط بابستمولوجيا العلوم. وسواء اتفقنا مع المؤلف في استنتاجه هذا، أم لم نتفق، لا يمكننا إنكار الدور الذي لعبه العلماء والفلاسفة القدماء والتراثيين في تقدم العلوم والمعارف، فالكثير من النظريات الرياضية والعقلية التي أبدعها هؤلاء، كانت الركيزة الأساس في تقدم العلوم والمعارف.



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل التراث والعلمانية: البنى والمرتكزات، الخلفية والمعطيات
عبد الكريم سروش
عبد الكريم سروش
Abdul Karim Soroush
عبد الكريم سروش هو الاسم المستعار لحسين حاجي فرج الدباغ، من كبار المثقفين الإيرانيين الدينيين المعاصرين، من مواليد طهران سنة 1945، درس في المدرسة الثانوية (الرفاه) وهي من المدارس التي كانت تحرص على الجمع في مناهجها بين الدروس الدينية وبين المواد العلمية المعاصرة، التحق في جامعة لندن في فرع الكيمياء وحصل على الدكتوراه، وكان إضافة لتخصصه في الكيمياء والصيدلة متبحراً في فلسفة العلم ومطلعاً على معطيات أحدث تياراتها النقدية الحديثة وتراث المدرسة الوضعية.كان سروش قريباً من علي شريعتي ومرتضى مطهري، وهما وجهان محوريان في فترة ما قبل الثورة في إيران، وبعد الثورة عاد إلى بلده وشغل مناصب عليا في الدولة وأخرى بحثية أهمها الأبحاث والدراسات الثقافية . التأليف ظهر سروش منذ أوائل الثمانينيات كواحد من الكتاب غزيري الإنتاج في إيران، وعالجت كتاباته الأولى النظريات الماركسية وموضوعات فلسفة العلم، ومن أهم أعماله البارزة في تلك الفترة كتاب "المعرفة والقيمة" وكتاب "ما هو العلم؟ ماهي الفلسفة؟" إضافة إلى دراسة نقدية لكتاب محمد باقر الصدر "الأسس المنطقية للاستقراء" نقلت على العربية ضمن كتاب السيد عمار أبو رغيف بعنوان "الأسس المنطقية للاستقراء في ضوء دراسة الدكتور سروش" سنة 1989، وهي السنة التي بدأ فيها سروش بنشر مقالات "القبض والبسط للشريعة" وقد أثارت جدلاً واسعاً ونقاشاً حادا بين المؤيدين والمعارضين، فجمعت بعد ذلك في كتاب حمل العنوان نفسه "القبض والبسط في الشريعة" ونقل إلى العربية. فليس من قبيل الصدفة أن يؤلف في إيران وحدها ثلاثون كتاباً لمناقشة آراء سروش، عشرون منها تتفق معه وتؤازره والعشرة الأخرى تقف بالضد من تلك الآراء والطروحات. وميزة سروش أنه مفكر تكونت ثقافته ومنهجيته في البحث من أبعاد علمية متعددة فهو صاحب اختصاص في الصيدلة والكيمياء وهو متابع لأحدث الدراسات الغربية في التاريخ وفلسفة العلوم وعلم المعرفة (الإبستمولوجيا)، وهو إضافة إلى ذلك ناشط ثقافي وسياسي ومتبحر في علم الكلام والتفسير وأصول الفقه ومتذوق لأدبيات العرفان. ولعل ذلك ما دفعه إلى استمداد مفهومي "القبض" و"البسط" من الحقل الصوفي كعنوان لنظريته، ساعياً في ذلك إلى إبراز خاصية التحول والتغير التي تميز المعرفة البشرية ومن ضمنها المعرفة الدينية. أفكاره يرى سروش أن الأجزاء المختلفة للمعرفة البشرية هي في تعاط مستمر في ما بينها، وإذا ما شهد العلم إبداعاً فإنه يترك تأثيره على علم الفلسفة، وأن تحوّل الفهم الفلسفي يغير فهم الشخص حول الإنسان والكون، وعندما يأخذ الإنسان والكون وجهاً آخر فإن المعرفة الدينية تأخذ معنى جديداً أيضاً. وهو يعتبر أن نظريته تعتمد من جهة على الفكر الديني التقليدي، وتأخذ بنظر الاعتبار من جهة أخرى مكتسبات الفكر والمعرفة البشرية، وبالتالي فهي منهج لطرح جديد وعصري للدين، وأن التحوّل والتطوّر في المعرفة الدينية ليسا ناجمين عن المؤامرة والخيانة ووسوسة الشيطان، بل من لزوم التغييرات القهرية في الكون، وحركة الذهن، وسعة استيعاب الفهم، وطموحات الفكر وتطلّعات الروح البشرية المعادية للجهل. وخلافا لمطهري وشريعتي لا يعد سروش المجتهدين من رجال إحياء وإعادة بناء الفكر الديني، لأن الاجتهاد لديهم هو تغيير في الفروع وليس تحوّلاً في المبادئ والأصول، ولذلك فهو يرى أن المستنير الحقيقي في إعادة بناء الفكر الديني هو الشخص الذي يجيز الاجتهاد في الأصول أيضاَ. إن الأمر المهم في هذه الدراسة هو المقارنة بين هذه النظرات من مختلف الجهات كالرؤى، والسبل، والمناهج التي تطرح لإحياء الدين، والمنهج المعرفي، وعلم الإنسان، وعلاقة الدين والدنيا، وعلاقة العلم والدين، ودوافع دراسة الفكر الديني، وسر خلود الدين ورسالته والمصلحين الدينيين. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ كلام محمد - رؤى محمد ❝ ❞ التراث والعلمانية: البنى والمرتكزات، الخلفية والمعطيات ❝ ❞ الغزاليّ والمولويّ ❝ ❞ القبض والبسط في الشريعة ❝ الناشرين : ❞ منشورات الجمل ❝ ❞ دار الجديد ❝ ❞ دار أبكالو للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❱.



كتب اخرى في فكر إسلامي

الله والانسان PDF

قراءة و تحميل كتاب الله والانسان PDF مجانا

الغارة على الحجاب PDF

قراءة و تحميل كتاب الغارة على الحجاب PDF مجانا

كلام محمد - رؤى محمد PDF

قراءة و تحميل كتاب كلام محمد - رؤى محمد PDF مجانا

الغزاليّ والمولويّ PDF

قراءة و تحميل كتاب الغزاليّ والمولويّ PDF مجانا

حياة الذاكرين PDF

قراءة و تحميل كتاب حياة الذاكرين PDF مجانا

منازل الروح PDF

قراءة و تحميل كتاب منازل الروح PDF مجانا

مطارحات في عقلانية الدين والسلطة PDF

قراءة و تحميل كتاب مطارحات في عقلانية الدين والسلطة PDF مجانا

نقد القراءة الرسمية للدين PDF

قراءة و تحميل كتاب نقد القراءة الرسمية للدين PDF مجانا

المزيد من الفكر والفلسفة في مكتبة الفكر والفلسفة , المزيد من النجاح وتطوير الذات في مكتبة النجاح وتطوير الذات , المزيد من مقارنة الأديان في مكتبة مقارنة الأديان , المزيد من السياسة في مكتبة السياسة , المزيد من علم النفس في مكتبة علم النفس , المزيد من الهندسة الشاملة في مكتبة الهندسة الشاملة , المزيد من محمد صلى الله عليه وسلم في مكتبة محمد صلى الله عليه وسلم , المزيد من أوراق المؤتمرات والملتقيات العلمية في مكتبة أوراق المؤتمرات والملتقيات العلمية , المزيد من غير مصنفة في مكتبة غير مصنفة
عرض كل المكتبة التجريبية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..